1ـ أعظم النعم هي الإسلام.
2ـ أخطر ما يهدم الدين البدع.
3 ـ أسباب البدع.
4 ـ بدعة الخوارج.
5 ـ لزوم جماعة المسلمين هو المخرج من الفتن.
الحمد لله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، ويضل من يشاء بعدله وحكمته وهو العليم الحكيم، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه واستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله العلي العظيم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى كل خلق كريم، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ذوي النهج القويم.
أما بعد .. فاتقوا الله أيها المسلمون وأطيعوه، فتقوى الله يصلح الله بها الأمور ويشرح بها الصدور ويحسن الله بها العواقب في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى: ]تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُواًّ فِي الأَرْضِوَلاَفَسَاداًوَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين[ [القصص:83].
عباد الله إن أعظم نعم الله تعالى على العباد دينُ الإسلام الذي يفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام، والخير والشر، وسبيل الهدى وسبُل الردى، قال الله تعالى : ] أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُوَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا [ [الأنعام:122].
وإن أعظم ما يهدم الدين الإسلامي ظهور البدع المضلة التي يرى صاحبها أنه مصيب وهو على ضلال وتكون البدع المضلة بسبب الجهل كما قال تعالى: ] وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [ [الأنعام:111]. وكما قال تعالى: ] وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّوَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ [ [الأنعام:116].
ومن أسباب البدع المضلة: الهوى، قال تعالى: ] وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ [ [القصص:50].
ومن أسباب البدع المضلة: سوء القصد والإرادة قال تعالى: ]سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّوَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُوا بِهَاوَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاًوَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً[ [الأعراف:146].
ومن أسباب البدع المضلة: الإعراض عن تعلم الحق والعمل به كما قال تعالى: ] فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّوَلاَيَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاًوَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى[ [طه:123ـ124]. وقال تعالى: ] وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ[ [السجدة:22].
ومن أسباب البدع المضلة: إعجاب المرء بنفسه ورأيه كما قال تعالى: ]أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُوَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ[ [فاطر:8].
وفي الحديث عن النبي r قال : (إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بنفسك).
ومن أسباب البدع المضلة: البعد عن أهل العلم وعدم سؤالهم عن أمور الدين، قال تعالى: ] فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [ [النحل:43].
وإذا اجتمعت هذه الأسباب فقد استحكمت أسباب الشقاوة وتحققت الهلكة إلا أن يمنّ الله تعالى بتوبة منقذة، وقد حدثت البدع في أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم، فتصدوا لها ودفعوا في نحورها بالبيان وقوة السلطان حتى ولت مدبرة وانكشفت ظلماتها وحذروا أمة الإسلام منها، ففي أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم ظهرت بدعة الخوارج وبدعة القدرية ثم تتابعت البدع وفي كل زمن يهيئ الله للأمة الإسلامية من ولاة الأمر والعلماء من يطفئ نار الفتن ويقمع البدع، فالولاة يقمعون البدع ويطفئون الفتن بقوة السلطان والعلماء بقوة البيان، فينشرون السنن ويبلغون الأحكام ويحذرون الأمة أن تتأثر بدعاة الفتنة اقتداء بالنبي r الذي كان يحذر من البدع والفتن بمثل قوله عليه الصلاة والسلام: (إنه لم يكن قبلي نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء الفتن فيرقق بعضها بعضاً وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتي إليه ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر) رواه مسلم.
وعن معاذ رضي الله عنه قال : (إن وراءكم فتناً يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والعبد والحر والصغير والكبير فيوشك قائل أن يقول ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن وما هم بمتبعي حتى ابتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع فإنما ابتدع ضلالة) رواه أبو داود.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (من حمل علينا السلاح فليس منا) رواه البخاري ومسلم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) رواه البخاري ومسلم.
أيها المسلمون .. إن بعض الناس لا يتحمل الصبر على النعم بل يحاربها بأفعاله ويملها لتتابعها فيضر نفسه ويضر غيره قال الله تعالى: ] أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناًوَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَوَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ[ [العنكبوت:67].
والأمن نعمة من الله تعالى ومنة كبرى تتحقق به مصالح الدين والدنيا حقه أن يشكر الله عليه ويعبد الرب ويحاط الأمن ويحفظ من كل أحد قال تعالى: ] فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍوَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ[ [قريش:3ـ4]. وقال تعالى: ] وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْوَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[ [إبراهيم:7].
وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله r: (من أصبح منكم آمناً في سربه معافىً في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا) رواه الترمذي.
وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي r كان إذا رأى الهلال قال: (اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله) رواه الترمذي.
ألا فليتق الله هؤلاء الذين خرجوا على جماعة المسلمين وولاة أمرهم وليتفكروا في هذه الأعمال التدميرية التخريبية الإرهابية التي أفسدت فساداً عريضاً وشوهت الإسلام، والدين منها براء، فهي إما قتل لنفس العابث بالأمن والله تعالى يقول : ] وَلاَتَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً[ [النساء:29]. وإما قتل المواطن أو مقيم مسلم أو قتل لرجل أمن مسلم يسهر على راحتهم والله تعالى يقول: ] وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَاوَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِوَلَعَنَهُوَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً[ [النساء:93]. وإما قتل لغير مسلم مستأمن قد حفظ الإسلام دمه وماله وحرم ظلمه والاعتداء عليه.وإما إتلاف لمال خاص، أو إتلاف لمال عام، وإما تخويف وترويع للآمنين وإشاعة للذعر والخوف في المجتمع، وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض، وكبائر كثيرة لو تدبرها المتدبر لكفته واحدة منها في النفور عنها والبعد عن هذا الانحراف الفكري الشرير، وندعوهم أن يسلّموا للسلطان أنفسهم فذلك هو الطريق الصحيح ليس من طريق غيره وأن يتوبوا إلى الله من هذا الإفساد فإن من تاب تاب الله عليه وعفا عنه قال تعالى: ] إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَوَرَسُولَهُوَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْيُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْوَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَاوَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ. إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[ [المائدة:33ـ34]. أعاذنا الله والمسلمين من مضلات الفتن وإنه لا ينقضي العجب كيف استدرج شياطين الإنس والجن هؤلاء الذين يرون الإفساد إصلاحاً والشر خيراً والباطل حقاً حتى دفعوهم إلى أعمال أهل النار والعياذ بالله قال الله تعالى: ]وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً[ [المائدة:41].
بارك الله ولي ولكم في القرآن العظيم ..
الحمد لله العزيز الوهاب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه واستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عليه توكلت وإليه مآب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله فضله الله بأحسن كتاب، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى الآل والأصحاب أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه فإن طاعته أقوم وأقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، عباد الله إن البدع المضلة هي التي تضر المسلم في دينه، كما يضر المسلم في دينه شهوات الغي فتتراكم على قلبه المحرمات حتى تطفئ نور الإيمان كما قال تعالى: ] فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَوَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَياًّ[ [مريم:59].
واللذات المحرمة هي للقلب كالسموم للأبدان فاحذر أيها المسلم مداخل الشيطان عليك وهي أبواب الشبهات وأبواب الشهوات واعتصم بالصبر عن الشهوات واعتصم باليقين عن الشبهات قال تعالى: ]وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواوَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ[ [السجدة:24]. وقال تعالى: ] فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[ [هود:49].
والزم أيها المسلم جماعة المسلمين وإمامهم فإن يد الله على الجماعة وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية والشيطان ذئب الإنسان، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وعظنا رسول الله r موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله r كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) رواه الترمذي وأبو داود.
عباد الله .. ] إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً[ .
ادعو الله ان يبعدنا عن كل بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار اثابنا الله واياكم